نجم الدراويش Admin
عدد الرسائل : 117 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 13/05/2007
| موضوع: من هدى النبوة 93 - الولاية واليمين الإثنين مايو 28, 2007 12:26 am | |
| من هدى النبوة عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكِّلت إليها ، وإن أوتيتها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها . وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها ، فائْتِ الذي هو خير ، وكفِّر عن يمينك " متفق عليه هذا الحديث احتوى على جملتين عظيمتين : إحداهما : أن الإمارة وغيرها من الولايات على الخلق ، لا ينبغي للعبد أن يسألها ، ويتعرض لها . بل يسأل الله العافية والسلامة ، فإنه لا يدري ، هل تكون الولاية خيراً له أو شراً ؟ ولا يدري، هل يستطيع القيام بها، أم لا ؟ فإذا سألها وحرص عليها، وُكِّلَ إلى نفسه . ومتى وُكِّلَ العبد إلى نفسه لم يوفق ، ولم يسدد في أموره ، ولم يُعَن عليها ؛ لأن سؤالها ينبئ عن محذورين : الأول : الحرص على الدنيا والرئاسة ، والحرص يحمل على الريبة في التخوض في مال الله ، والعلو على عباد الله . الثاني : فيه نوع اتكال على النفس ، وانقطاع عن الاستعانة بالله . ولهذا قال : " وكلت إليها ". وأما من لم يحرص عليها ولم يتشوف لها ، بل أتته من غير مسألة ورأى من نفسه عدم قدرته عليها ، فإن الله يعينه عليها، ولا يكله إلى نفسه ؛ لأنه لم يتعرض للبلاء ، ومن جاءه البلاء بغير اختياره حمل عنه ، ووفق للقيام بوظيفته . وفي هذه الحال يقوى توكله على الله تعالى ، ومتى قام العبد بالسبب متوكلاً على الله نجح . وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " أعنت عليها " دليل على أن الإمارة وغيرها من الولايات الدنيوية جامعة للأمرين ، للدين ، والدنيا ؛ فإن المقصود من الولايات كلها : إصلاح دين الناس ودنياهم . ولهذا : يتعلق بها الأمر والنهي ، والإلزام بالواجبات ، والردع عن المحرمات ، والإلزام بأداء الحقوق . وكذلك أمور السياسة والجهاد ، فهي لمن أخلص فيها لله وقام بالواجب من أفضل العبادات ، ولمن لم يكن كذلك من أعظم الأخطار . ولهذا كانت من فروض الكفايات ؛ لتوقف كثير من الواجبات عليها . فإن قيل : كيف طلب يوسف صلى الله عليه وسلم وِلايةَ الخزائن المالية في قوله : { اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ }. قيل : الجواب عنه قوله تعالى : { إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } فهو إنما طلبها لهذه المصلحة التي لا يقوم بها غيره : من الحفظ الكامل ، والعلم بجميع الجهات المتعلقة بهذه الخزائن . من حسن الاستخراج ، وحسن التصريف ، وإقامة العدل الكامل . فهو لما رأى الملك استخلصه لنفسه وجعله مقدماً عليه ، وفي المحل العالي وجب عليه أيضاً النصيحة التامة ، للملك والرعية . وهي متعينة في ولايته . ولهذا : لما تولى خزائن الأرض سعى في تقوية الزراعة جدًّا . فلم يبق موضع في الديار المصرية من أقصاها إلى أقصاها يصلح للزراعة إلا زرع في مدة سبع سنين . ثم حصنه وحفظه ذلك الحفظ العجيب . ثم لما جاءت السنون الجدب ، واضطر الناس إلى الأرزاق سعى في الكيل للناس بالعدل ، فمنع التجار من شراء الطعام خوف التضييق على المحتاجين ، وحصل بذلك من المصالح والمنافع شيء لا يعد ولا يحصى ، كما هو معروف . الجملة الثانية : قوله صلى الله عليه وسلم : " وإذا حلفت على يمين ، فرأيت غيرها خيراً منها فائت الذي هوخير ، وكفر عن يمينك ". يشمل من حلف على ترك واجب ، أو ترك مسنون ؛ فإنه يكفر عن يمينه ، ويفعل ذلك الواجب والمسنون الذي حلف على تركه . ويشمل من حلف على فعل محرم ، أوفعل مكروه فإنه يؤمر بترك ذلك المحرم والمكروه ، ويكفر عن يمينه . فالأقسام الأربعة داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم : " فائت الذي هوخير " لأن فعل المأمور مطلقاً ، وترك المنهي مطلقاً : من الخير . وهذا هو معنى قوله تعالى : { وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ } أي : لا تجعلوا اليمين عذراً لكم وعرضة ومانعاً لكم من فعل البر والتقوى ، والصلح بين الناس إذا حلفتم على ترك هذه الأمور ، بل كفروا أيمانكم ، وافعلوا البر والتقوى ، والصلح بين الناس . ويؤخذ من هذا الحديث : أن حفظ اليمين في غير هذه الأمور أولى ، لكن إن كانت اليمين على فعل مأمور ، أو ترك منهي ، لم يكن له أن يحنث . وإن كانت في المباح ، خيّر بين الأمرين . وحفظها أولى . واعلم أن الكفَّارة لا تجب إلا في اليمين المنعقدة على مستقبل إذا حلف وحنث . وهي على التخيير بين العتق ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم . فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام . وأما اليمين على الأمور الماضية أو لغو اليمين ، كقول الإنسان : لا والله ، وبلى والله في عرض حديثه : فلا كفارة فيها . والله أعلم من كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى | |
|