لقد تعلمت باكرا أن الحق لا يُعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد
" مالكوم اكس " ربما تكون سمعت الاسم من قبل فهو اسم شهير ربما سمعته كإسم فيلم أمريكى شهير ايضاً لكن من هو " مالكوم اكس " ستدهش حين تعرف أنه أمريكى زنجى
إن هذه الشخصية الهامة كان لها فضل كبير - بعد الله - في نشر الدين الإسلامي بين الأمريكان السود، في الوقت الذي كان السود في أمريكا يعانون بشدة من التميز العنصري بينهم وبين البيض، فكانوا يتعرضون لأنواع الذل والمهانة، ويقاسون ويلات العذاب وصنوف الكراهية منهم.
حيث وجد فى الدين الاسلامى اخاء كبير يجمع بين كل الاجناس والالوان ولا وجود لشيء اسمه العنصرية فدائما كان يقول على أمريكا أن تفهم الاسلام فهو الحل النهائى لمشكلة العنصرية بها وقد جعل فتة الستينات فترة تموج بالحركة والتفكير والمناظرات الدينية السياسية
فمن هو هذا الشخص المدعو (مالكوم أكس)الذي يجهله أكثر شباب الأمة الإسلامية؟
بداية مضطربة
في مناخ مضطرب يموج بكل ألوان القهر والإذلال ولد مالكوم أكس لأب كان قسيساً في إحدى الكنائس، وأم من جزر الهند الغربية، وعندما بلغ السادسة من عمره قُتل والده على أيدي البيض بعد أن هشموا رأسه ووضعوه في طريق حافلة كهربائية دهمته حتى فارق الحياة.. فبدأت أحوال أسرة مالكوم أكس تتردى بسرعة.. مادياً ومعنوياً.. وباتوا يعيشون على الصدقات والمساعدات الاجتماعية من البيض والتي كانوا يماطلون في إعطائها.. ومع هذه الظروف القاسية عانت والدة مالكوم أكس من صدمة نفسية تطورت حتى أدخلت مستشفى للأمراض العقلية قضت فيه بقية حياتها، فتجرع مالكوم أكس وأخواته الثمانية مرارة فقد الأب والأم معاً، وأصبحوا أطفالاً تحت رعاية الدولة التي قامت بتوزيعهم على بيوت مختلفة...
في هذه الأثناء التحق مالكوم أكس بمدرسة قريبة كان فيها هو الزنجي الوحيد.. كان ذكياً نابهاً تفوق على جميع أقرانه الا ان اساتذته حطومه معنويا حيث سخر اساتذه من رغبته فى استكمال تعليمه وان يعمل محاميا حيث قال له لاتحلم بالمستحيل وأن اقصى مايمكن له عمله ان يصبح نجارا
ضياع وانهيار
ترك بعدها المدرسة وقصد مديبنة بوسطن وتنقل بين الأعمال المختلفة المهينة التي تليق بالزنوج.. من نادل في مطعم.. فعامل في قطار.. إلى ماسح أحذية في المراقص.. حتى أصبح راقصاً مشهوراً يشار إليه بالبنان، وعندها استهوته حياة الطيش والضياع فبدأ يشرب الخمر وتدخين السجائر، وكان يجد في لعبة القمار المصدر الرئيسي لتوفير أمواله.. إلى أن وصل به الأمر لتعاطي المخدرات بل والاتجار فيها، ومن ثم سرقة المنازل والسيارات.. كل هذا وهو لم يبلغ الواحدة والعشرين من عمره بعد.. حتى وقع هو ورفاقه في قبضة الشرطة.. فأصدروا بحقه حكماً مبالغاً فيه بالسجن لمدة عشر سنوات بينما لم تتجاوز فترة السجن بالنسبة للبيض خمس سنوات.
بداية جديدة
تأثر بأحد السجناء ويدعى "بيمبي" الذي كان يتكلم عن الدين والعدل فزعزع بكلامه ذلك الكفر والشك من نفس مالكوم
وفي عام 1948م انتقل إلى سجن كونكورد، وكتب إليه أخوه "فيلبيرت" أنه اهتدى إلى الدين الطبيعي للرجل الأسود، ونصحه ألا يدخن وألا يأكل لحم الخنزير، وامتثل مالكوم لنصح أخيه، ثم علم أن إخوته جميعا في دترويت وشيكاغو قد اهتدوا إلى الإسلام، وأنهم يتمنون أن يسلم مثلهم، ووجد في نفسه استعدادا فطريا للإسلام، ثم انتقل مالكوم إلى سجن "ينورفولك"، وهو سجن مخفف في عقوباته، ويقع في الريف، ويحاضر فيه بعض أساتذة الجامعة من هارفارد وبوسطن، وبه مكتبة ضخمة تحوي عشرة آلاف مجلد قديم ونادر.
وفي هذا السجن زاره أخوه "ويجالند" الذي انضم إلى حركة "أمة الإسلام" بزعامة "إليجا محمد"، التي تنادي بأفكار عنصرية منها أن الإسلام دين للسود، وأن الشيطان أبيض والملاك أسود، وأن المسيحية هي دين للبيض، وأن الزنجي تعلم من المسيحية أن يكره نفسه؛ لأنه تعلم منها أن يكره كل ما هو أسود.
وأسلم مالكوم على هذه الأفكار، واتجه في سجنه إلى القراءة الشديدة والمتعمقة، وانقطعت شهيته عن الطعام والشراب، وحاول أن يصل إلى الحقيقة، وكان سبيله الأول هو الاعتراف بالذنب، ورأى أنه على قدر زلته تكون توبته.
وراسل مالكوم "إليجا محمد" الذي كان يعتبر نفسه رسولا، وتأثر بأفكاره وبدأ يراسل كل أصدقائه القدامى في الإجرام ليدعوهم إلى الإسلام، وفي أثناء ذلك بدأ في تثقيف نفسه وبدا السجن له كأنه واحة، أو مرحلة اعتكاف علمي، وانفتحت بصيرته على عالم جديد، فكان يقرأ في اليوم خمس عشرة ساعة، وعندما تُطفأ أنوار السجن في العاشرة مساء، كان يقرأ على ضوء المصباح وغيّرت القراءة مجرى حياته، وكان هدفه منها أن يحيا فكريا
فتحسنت أخلاقه، وسمت شخصيته، وأصبح يشارك في الخطب والمناظرا ت داخل السجن للدعوة إلى الإسلام.. حتى صدر بحقه عفو وأطلق سراحه لئلا يبقى يدعو للإسلام داخل السجن
خرج مالكوم من السجن سنة 1952م وهو ينوي أن يعمق معرفته بتعاليم إليجا محمد،
والتقى بإليجا محمد، وانضم إلى حركة أمة الإسلام، وبدأ يدعو الشباب الأسود في البارات وأماكن الفاحشة إلى هذه الحركة فتأثر به كثيرون؛ لأنه كان خطيبا مفوهًا ذا حماس شديد، فذاع صيته حتى أصبح في فترة وجيزة إماما ثابتا في مسجد دترويت، وأصبح صوته مبحوحا من كثرة خطبه في المسجد والدعوة إلى "أمة الإسلام"، وكان في دعوته يميل إلى الصراع والتحدي؛ لأن ذلك ينسجم مع طبعه وعمل في شركة "فورد" للسيارات فترة ثم تركها، وأصبح رجل دين، وامتاز بأنه يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها؛ فاهتدى على يديه كثير من السود، وزار عددا من المدن الكبرى، وكان همه الأول هو "أمة الإسلام"؛ فكان لا يقوم بعمل حتى يقدر عواقبه على هذه الحركة.وقد تزوج في عام 1958م ورُزق بثلاث بنات
ظل مالكوم أكس ينتسب إلى حركة (أمة الإسلام ) والتي كان لديها مفاهيم مغلوطة، وأسس عنصرية منافية للإسلام رغم اتخاذها له كشعار براق وهو منها براء.. فقد كانت تتعصب للعرق الأسود وتجعل الإسلام حكراً عليه فقط دون بقية الأجناس، في الوقت الذي كانوا يتحلون فيه بأخلاق الإسلام الفاضلة، وقيمه السامية... أي أنهم أخذوا من الإسلام مظهره وتركوا جوهره ومخبره
وفي نهاية عام 1959م بدأ ظهور مالكوم في وسائل الإعلام الأمريكية كمتحدث باسم حركة أمة الإسلام، فظهر في برنامج بعنوان: "الكراهية التي ولدتها الكراهية"، وأصبح نجما إعلاميا انهالت عليه المكالمات التليفونية، وكتبت عنه الصحافة، وشارك في كثير من المناظرات التلفزيونية والإذاعية والصحفية؛ فبدأت السلطات الأمنية تراقبه، خاصة بعد عام 1961. وبدأت في تلك الفترة موجة تعلم اللغة العربية بين أمة الإسلام؛ لأنها اللغة الأصلية للرجل الأسود.
كانت دعوة مالكوم في تلك الفترة تنادي بأن للإنسان الأسود حقوقا إنسانية قبل حقوقه المدنية، وأن الأسود يريد أن يكرم كبني آدم، وألا يعزل في أحياء حقيرة كالحيوانات وألا يعيش متخفيا بين الناس.
ظل مالكوم أكس ينتسب إلى حركة (أمة الإسلام ) والتي كان لديها مفاهيم مغلوطة، وأسس عنصرية منافية للإسلام رغم اتخاذها له كشعار براق وهو منها براء.. فقد كانت تتعصب للعرق الأسود وتجعل الإسلام حكراً عليه فقط دون بقية الأجناس، في الوقت الذي كانوا يتحلون فيه بأخلاق الإسلام الفاضلة، وقيمه السامية... أي أنهم أخذوا من الإسلام مظهره وتركوا جوهره ومخبره
حتى كان قراره بالذهاب الى الحج وكانت رحلة فكرته حول الاسلام وغيرت حياته بالكامل لتتخذ منحنى أكثر اهمية ونفعا للمسلمين واتخذ طريق لم يتنازل عنه حتى مقتله